غير مصنف

هل تزول رهبة التقديم في المؤتمرات؟

على الرغم من عملي في الأكاديميا كمحاضر وطالبة لعدة سنوات، عملت فيها وقمت بتدريس مستويات وأعمار مختلفة، قدمت خلالها كذلك دورات وورش عمل ومؤتمرات، لايزال للتقديم  في مؤتمر علمي شعور مختلف، ورهبة وجمهور مختلفان . في كل مرة يقترب فيها موعد مؤتمر سأشارك فيه، أعود لتدويناتي القديمة عن مهارات التقديم ونصائح التحضير للمؤتمرات، كل مرة تبدو وكأنها أول مرة، ربما لاختلاف المكان والزمان والجمهور؟
20170403_202512
حصلت على الهايلاندر الاسكتلندي كتذكار رمزي للمكان المؤتمر

قبل ٦ أشهر قرأت إعلانًا عن مؤتمر يمتد ليوم كامل، مخصص للمهتمين بتدريس اللغة الإنجليزية لأغراض خاصة “ESP” والتقييم والتقويم اللغوي ضمن مؤتمر دولي، كنت سعيدة جدًا ومتحمسة لأنه ولأول مرة داخل بريطانيا سأجد الفرصة للتحدث عن موضوعي  وتبادل الفائدة مع الآخرين بشكل دقيق في مجالي.

كنت أقرأ صفحة المشاركة والتفاصيل، مسرورة وكلي سرور بأن بتركّز المحاور على مجال اهتمامي البحثي، أعدت قراءة تلك الصفحة عدة مرات “متحمسة” ، و محاولة معرفة التفاصيل المطلوبة للتأكد من تسليم مستخلص البحث بشكل مرضٍ يرفع نسبة قبولي. ثم قمت بمراجعة شرائح العرض التقديمي  والصور المعروضة على موقع المؤتمر للسنوات السابقة، بهدف العثور على أكبر قدر من التفاصيل عن عدد الحضور، طريقة العرض المطلوبة والمتوقعة وغيرها من المعلومات.

بعد أسبوعين كان مستخلص بحثي جاهزا ، وحينما ضغطت على زر التسليم .. أرفقت أمنية في داخلي بالقبول بأن ينال القبول لأنه سيكون فرصتي لحضور مؤتمر لطالما أجلت حضوره لوقت طويل، وليس هناك أجمل من تحمل عناء شدِّ الرّحال للمشاركة في مؤتمر في مدينة جلاسكو!بعد مرور ٣-٤ أسابيع وصلتني رسالة تهنئتني بقبول مستخلصي قبل موعد المؤتمر بأربعة أشهر، كنت مبتهجة فققد حققت الهدف! وهمست لنفسي: ليس من داع للقلق! فالمؤتمر بعد ٤ أشهر، مازال لديّ وقت طويل للتحضير والمراجعة.

قبل المؤتمر بشهرين بدأتُ بتلقِّ الرسائل والإعلانات، تساءلت: هل يوجد مجال للتراجع والتردد؟ لكنها فرصتي! الفرصة التي لطالما انتظرتها. تقدمت بطلب الحصول على دعم مالي من الملحقية وحصلت على الموافقة ثم بدأت في التحضيرات للمؤتمر.حجزت تذاكر القطار والفندق، وقبل السفر بعد أيام تذكرت أنني لم أفكر نهائيا في مظهري يوم التقديم خصوصا وأن مشاركتي ضمن ندوة وأريد أن أكون جاهزة للمشاركة بشكل لائق، بدأت أبحث في الاقتراحات حتى وجدت خيار مناسب وتوصيل خلال يوم واحد.

 

20170404_085807
افتتاح المؤتمر

كنت قلقة انتابني القلق بعد رغم استعداداتي وتحضيري لكل احتياجات السفر، ولعل أسباب هذا القلق في تزايد لعدة عوامل، لأنّه أكبر مشاركة لي من عدة نواح:

١ـ مؤتمر دولي كبير عدد يبلغ عدد الحضور فيه تقريبًا ٢٥٠٠ شخص.

٢- قبلت تم قبولي في ندوة متخصصة في مجالي الدقيق، وهذا يعني أن الحضور على إطلاع جيد ودقيق بالمجال.

٣- عدد الحضور في الجلسة التي شاركت بها بلغ تقريبا ١٠٠ شخص (لجنة المؤتمر ذكرت مسبقا سعة كل قاعة وكانت القاعة تقريبا ممتلئة).

كنت قلقة استمر قلقي حتى خلال فترة الغداء التي قضيتها مع محاضرة من أمريكا وأخرى من بريطانيا، وقبل انتهاء فترة الغداء عدت للقاعة.  قمت بمراجعة شرائح العرض بشكل سريع ثم عدت لمكاني. حين بدأ الحضور في العودة للقاعة، تواصلت مع مديرة الجلسة.

20170403_094332
صورة للقاعة في الساعة ٩:٣٠صباحًا تقريبًا، وذلك قبل موعد بداية الفعالية بنصف ساعة

بدأت الندوة الثالثة بتقديم مدير الجلسة، وحين حان موعد عرضي، وقفت أمام الجميع، لحظة  تلاشى في تلك اللحظة فيها كل ذلك القلق الذي أرّقني! اختلفت كل مشاعري فجأة، كل تلك الرهبة والتوقعات المخيفة بها تحوّل كل شيء سوداوي إلى لاشيء سوى لذكرى عن إيماءات بعض الحضور، وأجهزة الهاتف الذكيّة للحضور التي  تلتقط صور عرضي.
كانت المرة الأولى التي أقوم فيها بعرض بحثي أمام هذا العدد من الحضور،: علمتني هذه التجربة  بأنه ما من فرق بين ٥ أشخاص أو ١٠٠ شخص. لايجب أن يكون سبب الرهبة هو عدد الحضور بل مدى جودة التحضير. كانت فرصة جميلة شاركت من خلالها جزءا من عملي .. جهدي وشغفي. انتهت مشاركتي صفق لي الجميع وهمس لي البعض تشجيعًا، تلا ذلك توجيه الأسئلة للمشاركين في الجلسة – بما فيهم أنا – والتي وجدت من خلالها بأنّ كل مخاوفي من عدم تفاعل واهتمام الجمهور لم يكن لها أساس من الصّحة!
استمتعت بجمال مشاركتي التي تحولت الآن لصندوق الذكريات ذكرياتي، وتبقى لي منها – حاضرا – جذوة حماس تدفعني في أيام القلق كل ذات قلق من الأشياء الصغيرة لأتذكّر كيف تجاوزت مخاوفي في مؤتمر جلاسكو، إبريل ٢٠١٧! وبعد انتهاء بقية المشاركين في الندوة صفق الجميع  وبعدها كان قسم الأسئلة لكل المشاركين في الجلسة. كانت جميلة وكل مخاوفي من عدم حصولي على قدر من الاسئلة والاهتمام زالت مع الأسئلة والتعليقات التي وصلتني.

 
20170403_200854
صورة من جانب النهر المقابل لمقر المؤتمر

دروس قديمة خبرات جديدةماذا تعلمت من هذه التجربة؟ هو ذات الدرس الذي أتعلمه مرارا وتكرارا بعد كل مشاركة لي  في المؤتمرات والمناسبات الأكاديمية، أيقنت من جديد بأن القليل من القلق  لا يضر وأن أحد أجمل نتائجه هو الاهتمام والاجتهاد. تعلّمت مجددًا كذلك بأنّ وبالرغم من أن القليل من القلق مفيد فكثيره لا ينفع، لابد السيطرة عليه  إيمانا ويقينا بأنّ الجهد المبذول والعمل المتفاني لن يصبح هباءًا منثورًا.
*شكراً للأخت غيداء الجويسر على التحرير وتطوير المحتوى* 
 
التدوينة السابقة:
تدوينات مشابهة:

أضف تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *